samedi 29 novembre 2014

لماذا لا نجمع في الحضر بعذر المطر أو الثلج تقديماً؟


لماذا لا نجمع في الحضر
بعذر المطر أو الثلج تقديماً؟
http://almobine.blogspot.com/

1_ لأن الله تعالى يقول ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ﴾ [النساء: 103]

والعجيب هنا أن هذه الآية جاءت في سياق الحديث عن صلاة الخوف (في حالة تهديد العدو للمجاهدين) فوجههم الله كيف يحافظون على الصلاة في وقتها، وفي جماعة من خلال تشريع صلاة الخوف، ولم يشرع الجمع أبداً، وختم الآيات بقوله ﴿  إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ﴾ بياناً لماذا هذا التشريع .
2_ كثرة الأحاديث الواردة عن الرسول في الحض على الصلاة على وقتها(في الحضر على الأقل) وحرصه صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى أنه في مرض وفاته صلى الله عليه وسلم، وقد أغمي عليه مراراً حرص أن يؤدي الصلاة على وقتها.
http://almobine.blogspot.com


لذا بين الإمام أبو داود_صاحب السنن_:أنه  ليس في جمع التقديم حديث قائم.(أي في غير عرفة)(التلخيص الحبير، لابن حجر2/122)

3_  لا نجمع لما صح عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَ المَالُ وَجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمُطِرْنَا...حَتَّى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ - أَوْ غَيْرُهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا»..,وَسَالَ الوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا،...( البخاري 933،1013، ونحوه مسلم897).

والشاهد أنه لم يكنهم شيء من المطر، ومع غزارته لم يرد قط أنهم جمعوا.

4- لا نجمع في الحضر تقديماً  لحديث عبدالله بن مسعود ، قَالَ: " مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِمِيقَاتِهَا، إِلَّا صَلَاتَيْنِ: صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا "صحيح البخاري(1682، ومسلم1289)( معلوم الاستثناء في ذلك في عرفة).( وابن مسعود كان ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب طهوره، سنن الترمذي3811)

5- لا نجمع  لحديث عبدالله ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ، حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ العِشَاءِ» قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ(البخاري1805و3000،ومسلم703).

6- لا نجمع  لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا زَاغَتْ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ»( صحيح البخاري1111،1112 ومسلم704).(ولم يصح أبداً أنه قال صلى الظهر والعصر، بل فقط الظهر؛أي فلا جمع تقديم)

7_ لا نجمع لحديث ابن عباس  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا» ، قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ العَصْرَ، وَعَجَّلَ العِشَاءَ، وَأَخَّرَ المَغْرِبَ، قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّه) صحيح البخاري1174 ومسلم705.

وفي النسائي(رقم589،ج1/286) بسند صحيح:عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا، أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاء»
http://almobine.blogspot.com

8_ فعل ابن عباس فسّر حديثه الوارد في الصحيحين الذي فيه: «جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خوف وَلَا مَطَرٍ»؛ أنه جمع تأخير صوري بدليل ما رواه  عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَبَدَتِ النُّجُومُ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، لَا يَفْتُرُ، وَلَا يَنْثَنِي: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتُعَلِّمُنِي بِالسُّنَّةِ؟ لَا أُمَّ لَكَ ثُمَّ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» .( صحيح مسلم705/57)،(إذن هو أخّر المغرب، ولم يعجل العشاء).وعنون البخاري للحديث بقوله: تأخير الظهر إلى العصر (كتاب مواقيت الصلاة رقم الحديث543)

9_ على فرض صحة التسليم برواية الجمع عن ابن عباس؛ فإن ابن عباس انفرد  بذكر الجمع في الحضر، وخالفه سائر الصحابة ( الذين نصوا أنه تأخير صوري) كما انفرد بذكر جواز نكاح المتعة (صحيح البخاري5116، ومسلم1406/27) وبربا الفضل، وأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ تزوج ميمونة وهو محرم، ولم يأخذ العلماء بذلك كله، ووجدنا الشيعة هم الذين يقولون صلاة الظهرين وصلاة العشائين ، ونكاح المتعة. فهل نفعل كفعلهم؟ ولانفراد ابن عباس بذلك(حديث الجمع)(مع أنه فسّر أنه جمع تأخير؛ذكر الترمذي أن حديث ابن عباس هذا غير معمول به عند العلماء(السنن، فصل العلل آخر السنن، وينظر شرح علل الترمذي لابن رجب بتحقيق همام سعيد1/323).
http://almobine.blogspot.com

10_لانجمع تقديماً لأن الوارد عن بعض الصحابة والتابعين هو الجمع في الصلاة الليلية؛ بتأخير المغرب وتقديم العشاء، وليس جمع تقديم مطلقاً.كما أخرج ابن أبي شيبة(6267)عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «كَانَتْ أُمَرَاؤُنَا إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ مَطِيرَةٌ أَبْطَأُوا بِالْمَغْرِبِ، وَعَجَّلُوا بِالْعِشَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي مَعَهُمْ، لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا»؛ ولذا منع المالكية والحنابلة الجمع بين الظهر والعصر في الحضر تقديماً. ومنع الحنفية كل الجمع تقديماً.

11_أما قضية الرخصة واليسر في الدين فإن البديل موجود شرعاً وهو أنه من شق عليه الصلاة جماعة في وقتها وهو من أهل الجماعة فإنه يصلي في بيته وأجره محفوظ لما صح عن ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ، فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ، إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ، أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ، أَنْ يَقُولَ: «أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» صحيح البخاري632و666 و مسلم697)، وعنون أبو داود للحديث بقول:باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة، والمطيرة.أي أنه عذر شرعي معتبر؛ باعتبار أن الحنابلة يرون وجوب الجماعة، ولا تترك إلا لعذر.

12- والحديث عن هذا الرخص كله موجه لقوم يحرصون على الجماعة، ويتحرجون جداً في التخلف عنها، و في ظروف شاقة؛ ليست كظروفنا غالباً، مع ذلك حصروها في الصلاة الليلية مع تأخير المغرب وتعجيل العشاء. ومع ذللك فمن كان من أهل الجماعة وتخلف عنها لعذر فالرخصة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ثابتة، وهي الصلاة في الرحال، مع حفظ الأجر؛  لما روى أبو مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا»(ابن أبي شيبة، حديث حسن)

13_ إن الصلاة في وقتها فرض، و الجماعة واجبة أو سنة، و الجمع جائز بشروط عند بعضهم وباطل عند آخرين، فهل لأجل الجائز المختلف عليه نضيع الفرض؟ مع أن البديل والرخصة موجودة مع الحفاظ على الأجر( الصلاة في وقتها في الرحال).

14-كل ذلك فيما لو ثبتت المشقة؛ فأين المشقة عندما نجد الناس في الأحوال العادية صفين( مثلاً) بينما في المطر تجد أربعة صفوف(حضروا لأجل الجمع)فلو كان ثمة مشقة لكان ينبغي أن يقلّ عدد المصلين(في الأولى) وقت المطر؛ لا أن يزيد.

وعلى كلٍ ومهما كان رأيك؛ فلا يجوز لأحد أن يلوم إمام يقدر أن الجمع غير شرعي.

 . د. محمد سعيد حوى

lundi 24 novembre 2014

باب في أحكام الآنية وثياب الكفار

باب في أحكام الآنية وثياب الكفار

https://twitter.com/hadithecharif
http://almobine.blogspot.com/

الآنية هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغيره , سواء كانت من الحديد أو الخشب أو الجلود أو غير ذلك .
والأصل فيها الإباحة , فيباح استعمال واتخاذ كل إناء طاهر , ما عدا نوعين هما :
1:  إناء الذهب والفضة , والإناء الذي فيه ذهب أو فضة , طلاء أو تمويها أو غير ذلك من أنواع جعل الذهب والفضة في الإناء , ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة تجعل في الإناء للحاجة إلى إصلاحه . ودليل تحريم إناء الذهب والفضة قوله صلى الله عليه وسلم :H2 لا تشربوا في آنية الذهب والفضة , ولا تأكلوا في صحافهما ; فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرةH1 رواه الجمـاعة , وقوله صلى الله عليه وسلم :H2 الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنمH1 متفق عليه , والنهي عن الشيء يتناوله خالصا أو مجزءا , فيحرم الإناء المطلي أو المموه بالذهب أو الفضة أو الذي فيه شيء من الذهب والفضة , ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة كما سبق ; بدليل حديث أنس رضي الله عنه :H2 أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر , فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضةH1 رواه البخاري .
قال النووي رحمه الله : " انعقد الإجماع على تحريم الأكل والشرب فيها , وجميع أنواع الاستعمال في معنى الأكل والشرب بالإجماع " . انتهى .
وتحريم الاستعمال والاتخاذ يشمل الذكور والإناث ; لعموم الأخبار , وعدم المخصص , وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج .
وتباح آنية الكفار التي يستعملونها ما لم تعلم نجاستها , فإن علمت نجاستها ; فإنها تغسل وتستعمل بعد ذلك .
2: جلود الميتة يحرم استعمالها ; إلا إذا دبغت ; فقد اختلف العلماء في جواز استعمالها بعد الدبغ , والصحيح الجواز , وهو قول الجمهور ; لورود الأحاديث الصحيحة بجواز استعماله بعد الدبغ , ولأن نجاسته طارئة , فتزول بالدبغ ; كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :H2 يطهره الماء والقرظ H1وقوله صلى الله عليه وسلم :H2 دباغ الأديم طهورهH1
وتباح ثياب الكفار إذا لم تعلم نجاستها ; لأن الأصل الطهارة ; فلا تزول بالشك , ويباح ما نسجوه أو صبغوه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ما نسجه الكفار وصبغوه . والله تعالى أعلم .

الملخص الفقهي/  قسم العبادات


تلخيص صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

samedi 22 novembre 2014

كتاب الطهارة / باب في أحكام الطهارة والمياه

كتاب الطهارة  / باب في أحكام الطهارة والمياه


https://twitter.com/hadithecharif

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين , وهي الفـارقة بين المسلم والكافر , وهي عمود الإسلام , وأول ما يحاسب عنه العبد , فإن صحت وقبلت ; قبل سائر عمله . وإن ردت ; رد سائر عمله .
وقد ذكرت الصلاة في مواطن كثيرة من القرآن الكريم على صفات متنوعة ; فتارة يأمر الله بإقامتها , وتارة يبين مزيتها , وتارة يبين ثوابها , وتارة يقرنها مع الصبر ويأمر بالاستعانة بهما على الشدائد . ومن ثم كانت قرة عين الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا ; فهي حليـة النبيين , وشعار الصالحين , وهي صلة بين العبد وبين رب العالمين , وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر .
ولما كـانت هذه الصلاة لا تصح إلا بطهارة المصلي من الحدث والنجس حسب القدرة على ذلك , وكانت مادة التطهر هي الماء أو ما يقوم مقامه من التيمم عند عدم الماء ; صار الفقهاء رحمهم الله يبدءون بكتاب الطهارة ; لأنها لما قدمت الصلاة بعد الشهادتين على غيرها من بقية أركان الإسلام ; ناسب  تقديم مقدماتها , ومنها الطهارة , فهي مفتاح الصلاة ; كما في الحديث :H2 مفتاح الصلاة الطهورH1 وذلك لأن الحدث يمنع الصلاة ; فهو كالقفل يوضع على المحدث , فإذا توضأ ; انحل القفل . فالطهارة أوكد شروط الصلاة , والشرط لا بد أن يقدم على المشروط .
ومعنى الطهارة لغة : النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية , ومعناها شرعا : ارتفاع الحدث وزوال النجس . وارتفاع الحدث يحصل باستعمال الماء مع النية : في جميع البدن إن كان حدثا أكبر , أو في الأعضاء الأربعة إن كان حدثا أصغر , أو استعمال ما ينوب عن الماء عند عدمه أو العجز عن استعماله - وهو التراب - على صفة مخصوصة , وسيأتي إن شاء الله بيان لصفة التطهر من الحدثين .
وغرضنا الآن بيان صفة الماء الذي يحصل به التطهر والماء الذي لا يحصل به ذلك . قال الله تعالى :B2 وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًاB1 وقال تعالى :B2 وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِB1 والطهور هو الطاهر في ذاته المطهر لغيره , وهو الباقي على خلقته - أي : صفته التي خلق عليها - , سواء كان نازلا من السماء كالمطر وذوب الثلوج والبرد , أو جاريا في الأرض كماء الأنهار والعيون والآبار والبحار , أو كان مقطرا . فهذا هو الذي يصح التطهر به من الحدث والنجاسة , فإن تغير بنجاسة ; لم يجز التطهر به ; من غير خلاف , وإن تغير بشيء طاهر لم يغلب عليه ; فالصحيح من قولي العلماء صحة التطهر به أيضا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " أما مسألة تغير الماء اليسير أو الكثير  بالطاهرات ; كالأشنان , والصابون , والسدر , والخطمي , والتراب , والعجين . .. وغير ذلك مما قد يغير الماء , مثل الإناء إذا كان فيه أثر سدر أو خطمي , ووضع فيه ماء , فتغير به , مع بقاء اسم الماء ; فهذا فيه قولان معروفان للعلماء " .
ثم ذكرها مع بيان وجه كل قول , ورجح القول بصحة التطهر به , وقال : " هو الصواب ; لأن الله سبحانه وتعالى قال :B2 وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُB1 وقوله :B2 فَلَمْ تَجِدُوا مَاءًB1 نكرة في سياق النفي , فيعم كل ما هو ماء , لا فرق في ذلك بين نوع ونوع " انتهى .
فإذا عدم الماء , أو عجز عن استعماله مع وجوده ; فإن الله قد جعل بدله التراب , على صفة لاستعماله بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته , وسيأتي توضيح ذلك إن شاء الله في بابه . وهذا من لطف الله بعباده , ورفع الحرج عنهم , قال تعالى :B2 وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًاB1
قـال ابن هبيرة : " وأجمعوا على أن الطهارة بالماء تجب على كل من لزمته الصلاة مع وجوده , فإن عدمه ; فبدله , لقوله تعالى :B2 فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًاB1 ولقوله تعالى :B2 وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِB1 انتهى .
وهذا مما يدل على عظمة هذا الإسلام , الذي هو دين الطهارة والنزاهة الحسية والمعنوية , كما يدل ذلك على عظمة هذه الصلاة , حيث لم يصح الدخول فيها بدون الطهارتين : الطهارة المعنوية من الشرك , وذلك بالتوحيد وإخلاص العبادة لله , والطهارة الحسية من الحدث والنجاسة , وذلك يكون بالماء أو ما يقوم مقامه .
واعلم أن الماء إذا كان باقيا على خلقته , لم تخالطه مادة أخرى ; فهو طهور بالإجماع , وإن تغير أحد أوصافه الثلاثة - ريحه أو طعمه أو لونه - بنجاسة ; فهو نجس بالإجماع , لا يجوز استعماله , وإن تغير أحد أوصافه بمخالطة مادة طاهرة - كأوراق الأشجار أو الصابون أو الإشنان والسدر أو غير ذلك من المواد الطاهرة - , ولم يغلب ذلك المخالط عليه ; فلبعض العلماء في ذلك تفاصيل وخلاف , والصحيح أنه طهور , يجوز التطهر به من الحدث , والتطهر به من النجس .
فعلى هذا ; يصح لنا أن نقول : إن الماء ينقسم إلى قسمين
القسم الأول :  طهور يصح التطهر به , سواء كان باقيا على خلقته , أو خالطته مادة طاهرة لم تغلب عليه ولم تسلبه اسمه .
القسم الثاني : نجسه لا يجوز استعماله ; فلا يرفع الحدث , ولا يزيل النجاسة , وهو مما تغير بالنجاسة . ...
والله تعالى أعلم .

الملخص الفقهي/  قسم العبادات

تلخيص صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان