باب في أحكام الغسل
https://twitter.com/hadithecharif
عرفت مما سبق أحكام الطهارة من
الحدث الأصغر ونواقضها ; فكنت بحاجة إلى أن تعرف أحكام الطهارة من الحدث الأكبر ;
جنابة كان أو حيضا أو نفاسا , وهذه الطهارة تسمى - بالغسل - بضم الغين - , وهو استعمال
الماء في جميع البدن على صفة مخصوصة يأتي بيانها .
والدليل على وجوبه : قول الله
تعالى :
وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا


وقد ذكروا أن الغسل من الجنابة كان
معمولا به في الجاهلية , وهو من بقايا دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيهم .
وموجبات الغسل ستة أشياء , إذا حصل
واحد منها ; وجب على المسلم الاغتسال :
أحدها :
خروج المني من مخرجه من الذكر أو الأنثى , ولا يخلو : إما أن يخرج في حال اليقظة ,
أو حال النوم , فإن خرج في حال اليقظة ; اشترط وجود اللذة بخروجه , فإن خرج بدون
لذة ; لم يوجب الغسل ; كالذي يخرج بسبب مرض أو عدم إمساك , وإن خرج في حال النوم ,
وهو ما يسمى بالاحتلام , وجب الغسل مطلقا ; لفقد إدراكه , فقد لا يشعر باللذة ;
فالنائم إذا استيقظ ووجد أثر المني ; وجب عليه الغسل , وإن احتلم , ولم يخرج منه
مني , ولم يجد له أثرا ; لم يجب عليه الغسل .
الثاني :
من موجبات الغسل إيلاج الذكر في الفرج , ولو لم
يحصل إنزال ; للحديث الذي رواه مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم :
إذا قعد بين شعبها الأربع , ثم مس الختان الختان ; فقد وجب
الغسل
فيجب الغسل على الواطئ
والموطوءة بالإيلاج , ولو لم يحصل إنزال ; لهذا الحديث , ولإجماع أهل العلم على
ذلك .


الثالث :
من موجبات الغسل عند طائفة من العلماء : إسلام الكافر , فإذا أسلم الكافر ; وجب
عليه الغسل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعض الذين أسلموا أن يغتسلوا ,
ويرى كثير من أهل العلم أن اغتسال الكافر إذا أسلم مستحب , وليس بواجب ; لأنه لم
ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر به كل من أسلم , فيحمل الأمر به
على الاستحباب ; جمعا بين الأدلة , والله أعلم .
الرابع :
من موجبات الغسل : الموت , فيجب تغسيل الميت ; غير الشهيد في المعركة ; فإنه لا
يغسل , وتفاصيل ذلك تأتي في أحكام الجنائز إن شاء الله .
الخامس
والسادس : من موجبات الغسل الحيض والنفاس ; لقوله صلى الله عليه وسلم :
وإذا ذهبت حيضتك ; فاغتسلي وصلي
وقوله
تعالى :
فَإِذَا تَطَهَّرْنَ
يعني : الحيض يتطهرن
بالاغتسال بعد انتهاء الحيض .




وصفة الغسل الكامل
- أن ينوي بقلبه .
- ثم يسمي ويغسل يديه ثلاثا ويغسل فرجه .
- ثم يتوضأ وضوءا كاملا .
- ثم يحثي الماء على رأسه ثلاث مرات , يروي أصول شعره .
- ثم يعم بدنه بالغسل , ويدلك بدنه بيديه , ليصل الماء إليه .
والمرأة الحائض أو النفساء تنقض
رأسها للغسل من الحيض والنفاس , وأما الجنابة ; فلا تنقضه حين تغتسل لها , لمشقة
التكرار , ولكن ; يجب عليها أن تروي أصول شعرها بالماء .
ويجب على المغتسل رجلا كان أو
امرأة أن يتفقد أصول شعره ومغابن بدنه وما تحت حلقه وإبطيه وسرته وطي ركبتيه , وإن
كان لابسا ساعة أو خاتما ; فإنه يحركهما ليصل الماء إلى ما تحتهما .
وهكذا يجب أن يهتم بإسباغ الغسل ;
بحيث لا يبقى من بدنه شيء لا يصل إليه الماء , وقال صلى الله عليه وسلم :
تحت كل شعرة جنابة ; فاغسلوا الشعر , وأنقوا البشر
رواه أبو داود والترمذي
.


ولا ينبغي له أن يسرف في صب الماء
, فالمشروع تقليل الماء مع الإسباغ ; فقد كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد
ويغتسل بالصاع ; فينبغي الاقتداء به في تقليل الماء وعدم الإسراف .
كما يجب على المغتسل أن يستتر ;
فلا يجوز أن يغتسل عريانا بين الناس ; لحديث :
إن الله حيي يحب الحياء والستر , فإذا اغتسل أحدكم ; فليستتر
رواه أبو داود والنسائي
.


والغسل من الحدث الأكبر أمانة من
جملة الأمانات التي بين العبد وبين ربه , يجب عليه أن يحافظ عليه , وأن يهتم
بأحكامه ; ليؤديه على الوجه المشروع , وما أشكل عليه من أحكامه وموجباته ; سأل عنه
, ولا يمنعه الحياء من ذلك ; فإن الله لا يستحي من الحق , فالحياء الذي يمنع صاحبه
من السؤال عن أمور دينه حياء مذموم , وهو جبن من الشيطان ; ليثبط به الإنسان عن
استكمال دينه ومعرفة ما يلزمه من أحكامه .
وأمر الطهارة عظيم , والتفريط في
شأنها خطير ; لأنها تترتب عليها صحة الصلاة التي هي عمود الإسلام . سأل الله لنا
ولجميع المسلمين البصيرة في دينه والإخلاص له في القول والعمل .
الملخص الفقهي/ قسم العبادات
تلخيص صالح بن
فوزان بن عبدالله
آل فوزان
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire